مباراة أجمل الكئوس

ثلث المدخنين لا يفكرون‏,‏ والثلث الثاني يأملون‏,‏ والثلث الثالث يريدون‏..‏
النوع الأول لا يفكر علي الإطلاق..‏ علي الأقل في الوقت الحالي‏..‏ في التحرر من التدخين فهو يري فيه متعته وسعادته ومزاجه‏..‏ والنوع الثاني يفكر ويأمل ولكن ليس الآن‏..‏ عقله يطلب إليه في بعض الأوقات أن يترك التدخين ولكنه يتعالى علي أفكاره ويقول وهو يطردها‏:‏ بعدين‏..‏ بعدين‏..‏ ولكن هناك النوع الثالث الذي يريد‏..‏ وهو مع كل مرة يدخن فيها يتمني أن يفعلها ولكنه خائف‏..‏ خائف أن يفشل فتزداد مشاكله مع نفسه بالإضافة إلى مشاكله مع التدخين‏..‏ خائف أن يعاني فيجد نفسه مضطرا للعودة ويغلق باب الخروج‏..‏ ودائما ما أقول للمدخنين أن القضية أساسها التصميم والإرادة والقدرة علي تحمل رحلة شاقة‏..‏ فلو حسبت مثلا بالنسبة لمدخني السجاير أن الواحد منهم يدخن في اليوم‏20‏ سيجارة لمدة‏25‏ سنة كان معني ذلك أنه دخن في هذه السنوات‏182500‏ سيجارة ابتلع دخانها وتراكم علي رئتيه كل الوقت الذي فيها‏..‏وهذا يعني انه احترق بسيجارة طولها‏18‏ كيلو مترا علي أساس أن متوسط طول السيجارة عشرة سنتيمترات‏,‏ فهل من المتصور أنه بعد ذلك سوف يتخلص من عذاب التدخين بسهولة؟

أقول لك‏:‏ نعم‏..‏ نعم‏..‏ نعم‏..‏

بشرط أن تضيف إلي التصميم والإرادة عنصرا مهما جدا وهو ألا تنظر إلي الرحلة التي ستبدأها للتحرر من التدخين علي أساس أنها رحلة عذاب مستحيلة‏,‏ وإنما مباراة شاقة ممتعة‏..‏ أضرب لك مثالا أي لاعب تنس أو كرة أو أي رياضة من الرياضات والجهد الذي يبذله‏..‏ انه في كل مرة يبدأ فيها التدريب أو المباراة يعرف تماما أن عليه أن يبذل جهدا مضنيا قد يصل به إلي أن يسقط من الإعياء والتعب‏..‏ ومع ذلك فأنه يستمتع كثيرا بهذا الجهد الشاق الذي يبذله‏,‏ بل إنه لا يسعد إلا إذا أحس بالتعب‏..‏ أنت كذلك مع رحلة التحرر من التدخين‏..‏ أنت ذاهب إلي مباراة شاقة مجهدة ولكنك الوحيد الفائز فيها‏..‏ أن ما ينتظرك من مكاسب يجعلك سعيدا بما ستلاقيه..‏ المهم أن تشحن نفسك نفسيا علي أساس أنك في رحلة شاقة ولكن ممتعة‏..‏ صعبة ولكن ليست مستحيلة‏..‏ غيرك كثيرون فعلوها وأنت قادر علي أن تفعلها‏..‏ إنها مباراة الفوز بأغلى كأس‏..‏ فهل هناك أغلي من صحتك؟‏!‏

ودعني أذكرك بالمثل الذي ذكرناه سابقا وهو لو انك ذهبت لتشتري أي نوع من أنواع الطعام ووجدت علي المغلف مكتوب أن هذا الطعام قد يسبب لك أمراضا حتى لو كان بعد زمن .هل ستشتريه وتتناوله؟ لاداعي لأن أذكرك بأن مثل هذا التحذير موجود علي كل علبة سجائر!

وهناك تجربة لا أنساها أثناء دراستي في كلية الطب منذ عشرون عاما تقريبا فقد كان هناك أستاذ يدرس لنا وكان مدخنا شرها حتى أثناء المحاضرات وبعد تخرجي بحوالي سنة علمت أنه قد أصيب بجلطة في القلب رغم صغر سنه وسألت مساعده_ وقد كان زميلي_ عن تدخينه فأجابني انه قد توقف تماما بعد الإصابة بالجلطة  حتى أنه ليطرد أي شخص يدخن من غرفته أو في قاعة المحاضرات ولكن استلزم هذا إصابة بجلطة في القلب أودت بحياته فيما بعد لكي يتوقف عن التدخين .فلم الانتظار ؟ ليس هناك ضرورة لأن تستلقي في غرفة العناية المركزة_ لاسمح الله_ لتأخذ هذا القرار.مرة أخري إنها صحتك أغلي ما في الكون والتي بدونها لا نستطيع أن ننعم بأي شيء في هذه الدنيا .